Published On:2014/09/24
Posted by alialsayed
الذكرى 92 على ميلاد استاذ الموال محمد طه
محمد طه مصطفى أبو دوح، ولد في بلد أبيه "طهطا" بصعيد مصر في 24 من سبتمبر 1922، ونشأ في بلدة أمه "عزبة عطا الله سليمان" بقرية "سندبيس" التابعة لمركز "قليوب".
محمد طه ذلك الصبي الذي لم يشأ القدر بأن يكمل تعليمه فيقف عند سن 14 ليتعلم بكتاب قريته الذي ظل وفيا لها طوال حياته ، فتجبره الظروف لترك حياه التعلم وليذهب لحياة أخرى قد تكون أشد قسوة ليعمل بعدها في مصنع الغزل في المحلة الكبرى وكان وقتها يتقاضى 23 مليم في اليوم الواحد . وهناك بدأ محمد طه أول مشواره الفني فكان يغني للعمال اثناء فترات الراحة .وفي 1940 انتقل من العمل في "المحلة الكبرى" إلى مدينة "كفر الدوار" القريبة من الإسكندرية ، ليظهر هناك جانب أخر من فنه وهو التأليف ،فمحمد طه كان مغني ومؤلف وملحن ، ولم يطل مقامه فيها، إذ استدعاه الجيش للتجنيد الإجباري في القاهرة، وهي خطوة أدخلت السرور على قلب أبيه الذي رأى في التجنيد فرصة ليبتعد ابنه عن طريق "الغناء" والسمعة التي لحقت به، لكن التجنيد قربه أكثر من الغناء، وكان فرصة للتعرف على مسارح الفن الشعبي في القاهرة، ومنها مقاهي حي "الحسين" و"السيدة زينب" التي كان يغني فيها أثناء الاحتفال بـ"الموالد" والمناسبات الدينية، وفي سنة 1954 تصادف أن استمع إليه الإذاعيان الكبيران "طاهر أبو زيد" و"إيهاب الأزهري" وهو يغني في مقهى "المعلم علي الأعرج" بالحسين، واصطحباه إلى الإذاعة حيث قاما بتسجيل عدد من مواويله، لكن "محمد حسن الشجاعي" رئيس لجنة الاستماع قرر أن صوته لا يصلح للميكروفون. وأعاد "زكريا الحجاوي" فتح باب الأمل حين ضم "محمد طه" إلى "فرقة الفلاحين للفنون الشعبية" التي كلفته "وزارة الثقافة" بتشكيلها.
كتبت : سامية
محمد طه ذلك الصبي الذي لم يشأ القدر بأن يكمل تعليمه فيقف عند سن 14 ليتعلم بكتاب قريته الذي ظل وفيا لها طوال حياته ، فتجبره الظروف لترك حياه التعلم وليذهب لحياة أخرى قد تكون أشد قسوة ليعمل بعدها في مصنع الغزل في المحلة الكبرى وكان وقتها يتقاضى 23 مليم في اليوم الواحد . وهناك بدأ محمد طه أول مشواره الفني فكان يغني للعمال اثناء فترات الراحة .وفي 1940 انتقل من العمل في "المحلة الكبرى" إلى مدينة "كفر الدوار" القريبة من الإسكندرية ، ليظهر هناك جانب أخر من فنه وهو التأليف ،فمحمد طه كان مغني ومؤلف وملحن ، ولم يطل مقامه فيها، إذ استدعاه الجيش للتجنيد الإجباري في القاهرة، وهي خطوة أدخلت السرور على قلب أبيه الذي رأى في التجنيد فرصة ليبتعد ابنه عن طريق "الغناء" والسمعة التي لحقت به، لكن التجنيد قربه أكثر من الغناء، وكان فرصة للتعرف على مسارح الفن الشعبي في القاهرة، ومنها مقاهي حي "الحسين" و"السيدة زينب" التي كان يغني فيها أثناء الاحتفال بـ"الموالد" والمناسبات الدينية، وفي سنة 1954 تصادف أن استمع إليه الإذاعيان الكبيران "طاهر أبو زيد" و"إيهاب الأزهري" وهو يغني في مقهى "المعلم علي الأعرج" بالحسين، واصطحباه إلى الإذاعة حيث قاما بتسجيل عدد من مواويله، لكن "محمد حسن الشجاعي" رئيس لجنة الاستماع قرر أن صوته لا يصلح للميكروفون. وأعاد "زكريا الحجاوي" فتح باب الأمل حين ضم "محمد طه" إلى "فرقة الفلاحين للفنون الشعبية" التي كلفته "وزارة الثقافة" بتشكيلها.
بعد ذلك كان الإذاعي الكبير "جلال معوض" يستعد للسفر إلى غزة لإقامة إحدى حفلات "أضواء المدينة، وطلب من "محمد طه" أن ينضم إلى الفريق المسافر لإحياء الحفل. كانت الرحلة اختباراً حقيقياً نجح فيه بتفوق، فما إن اعتلى المسرح حتى استحوذ على مشاعر الجماهير التي راحت تعبر عن إعجابها، وكعادته في الوفاء للأماكن ظلت "غزة" بنداً ثابتاً على سجل رحلات "محمد طه"، وقد ذهب إليها للمشاركة في احتفالات الإفراج عن "الفريق أول يوسف العجرودي" حاكم غزة الذي أسره الصهاينة، وغنى له من تأليفه موالين ويقول في الأول :
يا رايح فلسطين حود على أهل غزة
تقعد مع أهل الكمال تكسب وتتغذى
وسلم على يوسف حاكم قطاع غزة
وقل له إحنا البواسل
سيوفنا في قلب اليهود غازة
أما الثاني كان من نصيب الرئيس جمال عبد الناصر فقال فيه :
الشعب كله جمال.. وجمال مع يوسف
ودخلت كرم الحبايب فيه رمان مش يوسف
وكنت مأسور عليك ميت (مائة) سور يا يوسف
والرب نجاك وشفنا رؤاك يا يوسف
أما يوسف فهو يوسف العجرودي كان وقتها حاكم عزة .
وكان محمد طه ارتجل الموال وقاله لأن طه اشتهر بارتجال كثير من مواويله . ومع نجاحه في غزة كان طبيعياً أن يستعين به "جلال معوض"، فاصطحبه معه إلى حفل أضواء المدينة بالإسكندرية، وفي الحفل رأى "محمد حسن الشجاعي"حب الجمهور له وانسجامه معه ، وساعتها قال له: "الآن اقتنعت بك"، وسمح له بالغناء في الإذاعة وأعطاه أغنية تقول كلماتها:
فلاح فالح في زراعتي
شهد المحصول بفلاحتي
وحكومتي رفعت قيمتي
وادتني الأرض بتاعتي
فلاح.. فلاح
وفي سنه 1956 لحن محمد طه أول أغنيه له وقالها في الإذاعة ، وبعدها قرر أنه يسجل اسمه في النقابة فرفضت النقابة وقالت أنه لا يحمل مؤهل . ما سكتش الأستاذ وغنى أغنية وقال فيها شكواه
أنا في محكمة العدل أصل العدل للعادل
واسمع يا منسي أنا مش منسي وفي الكلام عادل
وإذا حكمتم يكون الحكم بـ"العادل"
أنا اسمي عدل الكرام محمد أبو طه
أبو نفس عالية ما عمره في يوم وطاها
وعلى الفور وافقت اللجنة على قيده في النقابة
وقالها عندما تظلم من قرار اللجنة التي رفضت ضمه للنقابة وعندما اجتمعت لكي تنظر في تظلمه رد عليه رئيس اللجنة كان وقتها عازف الكمان " أنور المنسي" ، واتقبل بعدها . ولكن طه لم يترك عمله بالمصنع مصنع النسيج لأنه رأى فيه دخل ثابت فقرر البقاء في المصنع ولكن حبه للغناء جعله يتغيب عن عمله فبعث له المصنع استعداء وكتبله أنه غاب 93 يوماً بدون وجه حق، وفي المصنع خيروه بين الانتظام في العمل وبين الاستقالة، فاستقال وحصل على 23 جنيهاً قيمة مكافأة نهاية خدمة .
كون فرقته الموسيقية الخاصة "الفرقة الذهبية للفنون الشعبية" وضم إليها أخاه "شعبان طه" الذي يشبهه تماماً،وكان محمد طه يستعين بأخيه شعبان سبيهه و يلعب دور "البديل" له في الغناء، إذا كان مطلوباً للغناء في مكانين في الوقت نفسه . وضمت فرقته عازفين للناي والأرغول والكمان والعود والطبلة، وهي الفرقة التي ظلت تلازمه في كل حفلاته وأسفاره وأيضاً في الأفلام التي عمل بها.
وكان طه مقيم في " بيت الفن الشعبي " وهذا كان شقته كما سماها محمد طه وكانت في حي شبرا في القاهرة .
وكان طه يقول مواويله من الحياه الواقعية فكان منها الحقيقي مثل موال حسن ونعيمة والتي مثلت في فيلم حسن ونعيمة الشهير وهو موال طويل يحكي قصة حقيقية وقعت أحداثها في "بني مزار" بمحافظة المنيا سنة 1905، حيث كان حسن شاباً من أسرة كريمة تعلق بالغناء واشتهر به، وكان الغناء عاراً ، لهذا رفضت عائلة "نعيمة" أن تزوجها له ، والباقي نعرفه من قصة الفيلم .
وكان محمد طه يملك شركة اسطوانات وفيه نجد معظم أغانيه .
وفي يوم غنا طه موال أمام عميد الأدب العربي "د.طه حسين" فأعجبه، وسأله عن مؤهلاته الدراسية، فقال "محمد طه بخفة ظله التي اشتهر بها: لا أحمل إلا شهادة الميلاد وشهادة الخدمة العسكرية. وعقب العميد: لكنك تحمل شهادة ربانية أكبر من الليسانس في المواويل!
في صباح اليوم الذي توفي فيه ـ 12 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1996 ـ خرج محمد طه من بيته، في حي شبرا الشعبي، لشراء أغراض للمنزل، وفي الشارع داهمته أزمة قلبية نقل بسببها إلى مستشفى "معهد ناصر" حيث توفي بعد ساعات، تاركاً سيرة طيبة، وتراثاً فنياً عريضاً، وبعض العقارات والأملاك، و8 أبناء، أكبرهم "صالح" وهو الوحيد الذي ورث جمال الصوت عن أبيه، وغني في برنامج تليفزيوني مرة واحدة وعمره 16 سنة ثم منعه أبوه. وهكذا استطاع "محمد طه" أن يحتفظ ببساطته حتى اللحظة الأخيرة من حياته، ولم تفلح النجاحات المتصلة التي حققها في أن تجعل الغرور يتسرب إلى قلبه، فقد ظل فلاحاً يحيا حياة أولاد البلد الذين ينتمي إليهم، وعلى المستوى الشخصي كانت أحلامه ـ كما كتب في وثيقة التعريف المحفوظة في أرشيف "دار الهلال" بالقاهرة حتى الآن، الملفت فيها أنه سجل اسم شهرته باعتباره "الأستاذ محمد طه"، فهو ـ في نظر نفسه ـ أستاذ، حتى وإن كان قد دون في الوثيقة نفسها أنه لا يحمل مؤهلاً أكثر من "إجادة القراءة والكتابة". أما بقية البيانات فتقول إن طوله 168 سنتيمتراً، ووزنه 85 كيلوجراماً! ـ تنحصر في أن "يعيش مستوراً ويموت مستورا". كان يحلم بأن يبني مسجداً في قريته، وهو ما حققه في السبعينيات، كما حلم بامتلاك أرض يزرعها في قريته، وحقق الحلم، محمد طه الذي سأل وكان في بداية الطريق ـ عن جمهوره قال: أغني للطبقة تحت المتوسطة، أنا مطرب "بلدي" لا "شعبي"، أغني للريفيين المواويل التي تسعدهم وتجعلهم مستعدين لمواصلة السماع حتى لو غنيت شهراً كاملاً.
وفي 3 من سبتمبر 1961 كتب الأستاذ "جليل البنداري" في "أخبار اليوم" مقالاً عن "محمد طه" عنوانه "براندو بالطربوش والجلباب البلدي" قال فيه: "استيقظت من النوم على مظاهرة في شوارع بيروت، وفتحت نافذة غرفتي بالفندق لأرى المطرب الشعبي المشهور محمد طه وهو يمشي في الشارع بجلبابه البلدي وطربوشه التقليدي، وكان يوزع مواويله على المعجبين والمعجبات، كما توزع ملكات جمال العرب ابتساماتهن على الجمهور وعلى لجنة التحكيم....... ففي كل خطوة كان المعجبون والمعجبات يلتفون من حوله ليوقع بإمضائه على أوتوجرافاتهم كروبرت تايلور وأحمد مظهر ومارلون براندو تماماً".
هكذا رحل الأستاذ محمد طه ويترك لنا 10 آلاف موال و13 فيلم ولقب صاحب أكبر عدد من المواويل .
الله يرحمك يا أستاذ......