Published On:2014/10/12
Posted by alialsayed
جون لي الرجل الذي لم يستطيعوا شنقه
جون لي (John Lee) الذي اشتهر في الصحافة البريطانية ب 'الرجل الذي لم يستطيعوا شنقه' ولكن ما سر هذا اللغز ؟
John Lee |
ولد جون لي عام 1864 في إحدى البلدات الصغيرة الواقعة جنوب مدينة ديفون الإنجليزية.
تمكن جون بمساعدة أخته إليزابيث-الأخت الغير شقيقة لجون لأمه- في سن صغيرة من الحصول على عمل كخادم في منزل فخم كبير يقع على شاطئ خليج باباكومب. كانت تعمل كخادمة لدى مالكته الآنسة ايما كيز منذ فترة طويلة لذلك لم تمانع في تعيين أخوها جون حين قدمته لها.
ةقد اتصفت الآنسة كيز كانت بالطيبة، سيدة من علية القوم في نهاية عقدها السادس من العمر وتعيش بمفردها.
عمل جون كان يتضمن العناية بالحديقة والإسطبلات. كان بالمنزل خادمتان أخرتان هما جان و اليزا نيك بالإضافة إلي جون و أخته إليزابيث.تيمبلر مات بعد عامين فقط على موت الآنسة كيز بسبب إصابته بمرض الزهري وقد قال معارفه عنه انه فقد صوابه في أعوامه الأخيرة، أما إليزابيث فقد أنجبت بعد عدة أشهر من الحادثة طفل سفاح لم تفصح أبدا من هو والده الحقيقي.
وفي عمر السادسة عشر ترك جون العمل لدى الآنسة كيز والتحق بالأسطول الملكي، ولكن سرعان ما تم الإستغناء عنه بسبب عدم انضباطه.
عاد جون مرة أخرى إلى ديفون ليعمل لعدة سنوات كخادم في عدد من فنادق المدينة لكنه كان يتعرض للطرد دائما بسبب السرقة حتى انه أمضى عقوبة قصيرة في السجن بعد أن امسكوا به متلبسا بالسرقة.
بعد فشله في جميع الوظائف التي عمل فيها وفشله في إيجاد عمل أخر، عاد جون للعمل لدى الآنسة كيز في صيف عام 1884 بعد أن توسطت له أخته إليزابيث. ليعمل هذه المرة كخادم وساقي. ومرة أخرى لم يستطع جون كبح جماح رغباته فقام بسرقة بعض الأغراض من منزل الآنسة كيز التي اكتشفت الأمر فعاقبته بقطع راتبه.
بعد منتصف ليلة 15 نوفمبر عام 1884 تعرضت الآنسة كيز لحادث أودى بحياتها، ففي أثناء نزولها السلم من غرفة مكتبها إلى الطابق الأرضي، ليضربها شخص ما على رأسها بواسطة قضيب معدني يستعمل لتقليب الرماد في الموقد، وهي وظيفة كان مناطة بجون، ثم أجهز القاتل علىها فذبحها بواسطة سكين كبيرة كانت تستخدم لتهذيب الأغصان في حديقتها، وأخيرا رش الطابق الأرضي بالكيروسين وأشعل النار قبل أن يفر هاربا.
ما أدى إلى استيقاظ الخادمات، في هذه الأثناء سارع جون ليطلب المساعدة من جيرانه وأخبرهم عن موت السيدة كيز مع انه لم يكن قد رأى جثتها بعد. ثم عاد مسرعا إلى المنزل الذي كانت النيران تضطرم داخله وقام بإنقاذ الخادمة جان التي كانت محاصرة في غرفتها بالطابق العلوي. أثناء إنقاذها انتبهت الخادمة إلى وجود جرح نازف على يد جون الذي زعم لاحقا أنه جرح يده أثناء كسره لزجاج نافذة الخادمة بينما كان يهم بإخراجها من الغرفة، لكن الشرطة توصلت فيما بعد إلى أن النافذة كسرت من الخارج وليس من الداخل، كما نفت الخادمة مشاهدتها لجون لي وهو يكسر زجاج نافذتها. إضافة إلى ذلك عثرت الشرطة على قنينة كيروسين فارغة عليها آثار دماء في غرفة جون الخاصة داخل المنزل.
اتهم جون بقتل السيدة كيز وقدم لمحاكمة سريعة لم تستغرق سوى أسبوعين اصدر القاضي في نهايتها حكما بإعدامه شنقا.
تصرفات جون المشبوهة ليلة مقتل الآنسة كيز والجرح الموجود على يده وكذلك شهادة بعض معارفه بأنهم سمعوه يهدد بقتل الآنسة كيز بسبب قطعها لراتبه، كل ذلك أدى إلى لتقديمه للمحاكمة وتطبيق حكم الإعدام عليه.
ولكن ظل جون يردد جملته الذي ظل يرددها دوما "يعلم الله إني بريء" في أثناء حضوره للمحاكمه التي ظل واقفا بهدوء شديد حسده عليه جميع الحاضرين في المحكمة.
في صباح يوم فبراير عام 1885 تم تقديم آخر وجبة طعام لجون في زنزانته ووقف السجانون متعجبون وهم يشاهدون جون يلتهم فطوره بشهية كبيرة وهو الذي ينتظر إعدامه بعد دقائق معدودة. فلم يكن خائفا حاله كحال من يحكم عليهم بالإعدام، فلم يكن جون خائفا أو مضطربا ذلك الصباح، مضى مع السجانين إلى غرفة الإعدام كأنه ذاهب إلى نزهة، لم يقاوم أو يصرخ ولم يضطر السجانون إلى سحله أو حمله إلى غرفة الإعدام، لم يفقد جون هدوءه وتماسكه حتى بعد أن لفوا حبل المشنقة حول عنقه.
في تمام الساعة الثامنة صباحا وقف جون فوق منصة المشنقة وبدا متماسكا وهادئا كأن الأمر لا يعنيه. فقام الجلاد بسحب القبضة الخشبية التي تؤدي لفتح الباب السفلي لكن جون لم يسقط من فوق الباب السفلي للمشنقة ما أثار دهشة الجلاد.
فقام الجلاد بإبعاد جون عن المشنقة ثم استدعى ميكانيكي السجن لمعرفة الخلل في الآلة. على الرغم من قيام الميكانيكي بفحصها عدة مرات في اليوم السابق وتأكده من سلامة الآلة، ومع هذا قام بفحصها وتجربتها مجددا أمام الجميع وما أن سحب القبضة الخشبية حتى انفتح الباب السفلي على الفور، كرر الميكانيكي العملية عدة مرات حتى اطمئن الجلاد إلى أن الآلة تعمل بصورة جيدة فقام بإيقاف جون مجددا فوق الباب السفلي ولف حبل المشنقة حول عنقه، ومرة أخرى قام الجلاد بسحب القبضة الخشبية لكن جون ظل واقفا مكانه هذه المرة أيضا ولم يتزحزح قط.
هذه المرة قام السجانون بإعادة جون إلى زنزانته حتى يتأكد ميكانيكي السجن بفحص المشنقة بصورة دقيقة لمعرفة مكامن الخلل فيها، هذه العملية استمرت لقرابة الساعة حتى تأكد الرجل بأن الآلة تعمل بصورة طبيعية وقاما بتجربتها عدة مرات.
ليعود جون مرة أخرى لغرفة الإعدام في تمام الساعة التاسعة والنصف صباحا ليقوم الجلاد بإيقاف جون فوق الباب السفلي ثم لف الحبل حول عنقه. ولكن يتوقف الجلاد قليلا قبل سحب القبضة الخشبية خشية أن تفشل عملية الإعدام مجددا وهو ما حصل بالضبط عندما سحب الرجل القبضة إذ بقى جون واقفا مكانه بهدوء من دون أن يهوي إلى الأسفل.
فدهش جميع الحضور من ما حدث وأحسوا برعشة تسري في جسدهم، الجلاد ضرب جبهته بيده وكاد أن يفقد صوابه فيما تراجع السجانون إلى الوراء وهم ينظرون إلى وجوه بعضهم غير مصدقين ما يحدث.
رفض الضابط المكلف بمراقبة تنفيذ الإعدام إعادة جولة الإعدام مرة أخرى وأمر السجانين بإعادته إلى زنزانته ريثما يقوم بإخبار مدير السجن أولا بتفاصيل ما حدث في ذلك الصباح العجيب.
حضر مدير السجن بنفسه إلى غرفة الإعدام واستمع إلى شهادة الجلاد والسجانين حول ما حدث ثم قام بنفسه بسحب القبضة الخشبية فأنفتح الباب السفلي للمشنقة على الفور. مدير السجن أمر بإيقاف الإعدام مؤقتا ريثما يكتب إلى مراجعه العليا في لندن شارحا لهم ما جرى بالتفصيل ومنتظرا تعليماتهم.
وخلال أيام قليلة وصل الرد من لندن بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق جون لي وتخفيفه إلى عقوبة السجن المؤبد.
أمضى جون لي عشرون عاما في سجن بورتلاند قبل أن يطلق سراحه في عام 1907.
نسى الجميع قصته مع المشنقة والتي اشتهر في انجلترا بسببها باسم "الرجل الذي لم يستطيعوا شنقه". فحين خرج لم يكن يتذكره أحد. فالمعلومات حول ماذا جرى له بعد إطلاق سراحه متضاربة, لكن يبدو أن الرجل تزوج وعاش عمرا مديدا حتى عام 1945 حيث مات ودفن في قبر أصبح هو بحد ذاته لغزا إذ أن شاهد القبر يحتوي على تاريخ الولادة لكن تاريخ الوفاة ظل فارغا.
قصة جون لي لم تنتهي بموته، لسنوات طويلة ثارت العديد من الأسئلة حول ما إذا كان هو قاتل الآنسة كيز الحقيقي؟ أو على الأقل كان يعلم من هو قاتلها؟.
وطوال فترة حبس جون يصر على براءته لكنه لم يفصح أبدا عن سر تصرفاته الغريبة في ليلة وقوع الجريمة. هناك من يعتقد أن جون هو القاتل فيما يرى فريق أخر ممن درسوا شخصيته وسيرته بأنه لم يقتل الآنسة كيز لكنه يعلم من هو القاتل، أصحاب الرأي الأخير زعموا أن القاتل الحقيقي كان شخصا يدعى ريجنالد تيمبلر كانت تربطه بإليزابيث أخت جون غير الشقيقة علاقة غير شرعية، ويبدو أن الآنسة كيز اكتشفت بطريقة ما هذه العلاقة الآثمة التي كانت تجري سرا داخل منزلها وهددت بفضحها لذلك قام السيد تيمبلر بقتلها بمساعدة إليزابيث و ربما جون أيضا.
فيعتقد البعض بأن الذي أنقذ جون من الموت كان على الأرجح خللا أصاب عمل المشنقة، وان هذا الخلل كان يتكرر في كل مرة يقف فيها المحكوم على الباب السفلي للمشنقة، أي أن الخلل يحدث فقط عندما يكون هناك ثقل فوق الباب وحين يتنحى هذا الثقل لتعمل المشنقة بشكل طبيعي.
وهناك من رأي أن نجاة جون من الموت كانت بفضل معجزة إلهية؟ فهدوء جون وسكينته في يوم إعدامه كانت تثير الدهشة كأنه كان على ثقة من نجاته.
جريمته الغامضة وملابسات إعدامه المثيرة جعلت من قصته حديث الصحافة في انجلترا في نهاية القرن التاسع عشر، ليشتهر وتكتب عنه الصحف جون لي الرجل الذي لم يستطيعوا شنقه...
كتبت : سامية