Published On:2014/09/02
Posted by alialsayed
ذكرى وفاة عبد الكريم قاسم أول رئيس للعراق
ولد عبد الكريم قاسم بمحلة المهدية في منطقة الرصافة في مدينة بغداد وذلك في يوم السبت 21 تشرين الثاني - نوفمبر عام 1914 . الأب جاسم محمد البكر من عشيرة الزبيد وكان يمتهن النجارة اما والدته فكانت تدعى كيفية من عشيرة تميم . وعبد الكريم هو الإبن الرابع من بين أخوته وله اخوان هما حامد والذي كان يعمل في تجارة الحبوب و عبداللطيف والذي كان نائب ضابط في الجيش العراقي إلى قيام إنقلاب 14 تموز 1958 والذي اطاح بالنظام الملكي في العراق . وله اختان هما أمينة زوجة ياسين محمد صالح القيسي والذي شغل وظيفة رئيس كتاب محكمة الكاظمية والثانية نجية زوجة إبن عمته اللواء عبد الجبار جواد . في سنة 1919 أدخل عبدالكريم إلى الكتاتيب وهناك تعلم الحروف الأبجدية وقام بحفظ قصار سور القرآن . وفي سنة 1921 انتقلت عائلة عبدالكريم إلى بلدة الصويرة وهناك دخل قاسم مدرسة الصويرة الإبتدائية واستمر في الدراسة حتى الصف الرابع حين غنقلت عائلته مجددا إلى بغداد وكان ذلك في عام 1926 . وواصل قاسم الدراسة في بغداد بمدرسة الرصافة الإبتدائية والتي تخرج منها في سنة 1927 م. تخرج قاسم من الثانوية (الفرع الأدبي) في سنة 1931 وفي يوم 22 تشرين الأول - أكتوبر من نفس العام عين قاسم معلما في مدرسة الشامية الإبتدائية للبنين الواقعة في مدينة الشامية التابعة للواء الديوانية في جنوب العراق . وقضى قاسم في السلك التعليمي في الشامية سنة واحدة وفي منتصف سنة 1932 أعلنت وزارة الدفاع العراقية عن حاجتها لضباط جدد وفتح القبول بالكلية العسكرية فأستشار قاسم بخصوص هذا الأمر صديقه السيد مصطفى علي (اصبح بعد إنقلاب 14 تموز 1958 وزيرا للعدل) حول الإلتحاق بالكلية العسكرية فأثناه عن عزمه ونصحه بأن مهنة التدريس لأنها أفضل من مهنجة الجيش غير إن قاسم دخل إلى الكلية العسكرية وذلك بعد نصيحة إبن عمته عبدالجبار جواد. وفي يوم 15 أيلول - سبتمبر من سنة 1932 التحق قاسم بالكلية العسكرية وتخرج من الكلية برتبة ملازم ثاني في يوم 15 نيسان - أبريل من سنة 1934.
وبعد أن أصبح عقيدًا تم نقله آمرًا للواء المشاة 20. وصف قاسم سياسته الخارجية بمصطلح "الحيادية الإيجابية" ولكن مع تطور الأحداث السياسية إبان السنة الأولى من حكمه ظهرت بوادر تقارب بينه وبين الحزب الشيوعي العراقي والكتلة اليسارية. تغير الحال مع إطلالة عام 1959 حيث ظهرت للعيان بوادر محاولاته لكبح جماح بعض التيارات الشيوعية بسبب تسلطها على مراكز القرار وضغوطها على قاسم من أجل تبني إجراءات أكثر ماركسيةً. إتخذ قاسم إجراءات للحد من سلطة بعض التيارات الشيوعية في المناصب الحكومية وقوات الشرطة وسحب السلاح من ميليشيا الحزب الذي كان يعرف بالمقاومة الشعبية. من جهة أخرى، لعبت الإتهامات التي واجهها قاسم من الأوساط المحلية والعربية والدولية بالارتماء في أحضان الماركسيين في زمان ومكان محافظ يحترم التقاليد الدينية والعشائرية التي لم يكن يأبه بها الشيوعيون دوراً في تحوله ضد الشيوعيين.
عند تشكيل نخبة من الضباط المستنيرين لتنظيم الضباط الوطنيين (الذي أسماه الإعلاميون لاحقًا بتنظيم "الضباط الأحرار" أسوةً بتنظيم الضباط الأحرار في مصر)،انضم الزعيم عبد الكريم قاسم إلى حركة الضباط الأحرار بعد حرب فلسطين 1948 وبعد العودة من الحرب قام بتكوين خلية للضباط الأحرار المعروفة باسم تنظيم المنصورية وفي عام 1952 تم توحيد خلية عبد الكريم قاسم والخلية الأخرى التي كانت بقيادة العقيد محي الدين عبد الحميد وناجي طالب ومن ثم تم اجراء انتخابات وبسبب قدم رتبة عبد الكريم قاسم أصبح قائد للتنظيم الضباط الأحرار وفي عام 1955 قام عبد الكريم قاسم باحضار العقيد عبد السلام عارف لاحد اجتماعات تنظيم الضباط الأحرار بدون سابق إنذار مما قد فوجئ التنظيم به وقد رفض التنظيم انضمام عبد السلام عارف وذلك لكونه ثرثار ومتسرع وغير متزن. تردد التنظيم في ضمهما في باديء الأمر لأسباب تتعلق بوصفه "بالمزاجية والتطلعات الفردية". وبسبب تأجيل تنظيم الضباط الوطنيين بالقيام بالحركة لأكثر من مرة إتفق عبد السلام عارف مع عبد الكريم قاسم وبالتنسيق مع بعض الضباط من أعضاء التنظيم وهم الفريق نجيب الربيعي والعميد ناظم الطبقجلي والعقيد رفعت الحاج سري والعميد عبد الرحمن عارف والعقيد عبد الوهاب الشواف على الشروع بالتحرك للإطاحة بالحكم الملكي دون الرجوع للتنظيم، مستغلين فرصة قيام الإتحاد الهاشمي وتحرك القطعات العراقية لإسناد الأردن ضد تهديدات إسرائيلية لقيام الإتحاد.
نجح التنظيم في الاستيلاء على السلطة، وتولى العميد عبد الكريم قاسم منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة بينما استلم الفريق نجيب الربيعي منصب رئيس مجلس السيادة ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية. أما العقيد الركن عبد السلام عارف فتولى منصبي نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية. ووزعت باقي الوزارات على أعضاء التنظيم حسب إسهامهم بالثورة.
و بسبب بعض الأحداث المؤسفة حيث قامت المليشيات الشيوعية (المقاومة الشعبية) ومساهمة بعض مؤيدي العميد عبد الكريم قاسم من العامة بموجة انتقام عارمة من أهالي الموصل وكركوك بسبب حركة العقيد الشواف الانقلابية في الموصل وكذلك بسبب سلوكيات محكمة الثورة التي استهانت بالمتهمين حيث تم استغلال الحركة كذريعة لمحاكمة وتصفية خصوم قاسم من الأحرار والوطنيين مثل رشيد عالي الكيلاني باشا والعميد ناظم الطبقجلي وغيرهم ومن جهة أخرى تعمق الخلاف بين قاسم وعارف، وأدى هذا الخلاف الحاد إلى الاطاحة بزميله عبد السلام عارف كما أطاح بعدد من الزعامات العسكرية والسياسية وزج أسمائهم مع الانقلابيين والمنتفضين ضده تحت ذرائع شتى التي لم تثبتها محكمة الثورة التي رأسها ابن خالته المقدم فاضل عباس المهداوي ذو الميول الوطنية والماركسية. وأعفي عبد السلام عارف من مناصبه عام 1959، وأبعد بتعيينه سفيراً للعراق في ألمانيا الغربية، وبعد عودته للعراق بسبب مرض والده لفقت لعارف تهمة محاولة قلب نظام الحكم، فحكم عليه بالإعدام ثم خفف إلى السجن المؤبد ثم الإقامة الجبرية لعدم كفاية الأدلة مما أدى إلى انتصار رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم في الجولة الأولى ضد خصمه العنيد بإبعاده عن مسرح السياسة قابعاً تارةً في السجن ينتظر يوم إعدامه، ورازحاً تحت الإقامة الجبرية في منزله تارةً أخرى.
على الرغم من هذه الخلافات الفكرية والسياسية إلا أن جذور العلاقة الطويلة الاجتماعية والمهنية بدت وكأنما أزيل عنها الغبار. ففي الوقت الذي يبدو فيه أن عبد الكريم قاسم لم يكن جاداً بإتخاذ الخطوة الأخيرة بإعدام عارف وكأن العملية برمتها لعبة إقصاء وردع بين متنافسين، إتخذ عبد السلام عارف موقفاً مشابهاً حين أرسل قادة حركة أو انقلاب أو ثورة 8 شباط 1963 عبد الكريم قاسم للمحاكمة في دار الاذاعة، حيث وجد نفسه مرةً ثانيةً وجهاً لوجه مع صديقه اللدود الذي اعفى عنه وسمح له حتى لزيارة بيت الله الحرام فإنبرى عارف وباصرار أمام معتقليه أعضاء تيار علي صالح السعدي من حزب البعث بل في جاءت النهاية رضخ عبد السلام عارف لزملاء اليوم وكان هو من قرر الإعدام وبصورة عاجلة وبدون أية محاكمة لعبدالكريم قاسم في دار الاذاعة.
أعدم عبد الكريم قاسم اثر انقلاب 8 شباط عام 1963 وكان حين نفذ فيه حكم الاعدام رميا بالرصاص في مبنى إذاعة دجلة في العاصمة بغداد.