رجل و ولدان
رجل و ولدان
وهنا ينظر الولدان لبعضهما ويتساءلوا عن الطريق الجديد الذي سيختاروه فاختار احدهم الإعتماد على نفسه خير من التواكل على الأب فبناء مستقبله بيده خير من ان يشحذ لقمة العيش من أبيه , وأما الأخر فاختار العكس وقال لنفسه " ها هو ابي فتح لنا باب خزينته لنأخذ منها ما نريد فلما علينا العمل فلنرتاح فالحياة جعلت للراحة لا للتعب " ولكن السؤال الأهم كيف سيأخذ هذا الولد المال من أبيه ؟ وكيف يقنعه بأنه الأحق من أخيه بالمال ؟
مكث طويلا ليفكر ولتعينه زوجته وأخيراً توصل للطريقة التي تجعله يظفر بمال أبيه لوحده دون أخيه . ورأى أن هذه الطريقه هي " المسكنة " أو إيحاء الأب بالفقر وقصر اليد وقساوة الدنيا وتعنتها ...ونجحت الطريقة
أخذ هذا الولد يأخذ بلا إستحياء ولا تعب فتارة يقول ولدي مريض وأخرى مال من أجل العمل وثالثة ورابعة فلم يكل ولم يتعب الأب أيضا وأخذ يأخذ بالحجج لطرده من العمل وأخرى لعدم سعيه للعمل ويظل مسلسل المسكنة مستمر في حين الأخ الآخر يرى ويتعجب من أمر أبيه الذي لا يصد ذلك الجاشع عن جشعه ويتحسر على المال الذي لا يشارك أخيه فيه فأراد هو الآخر الأخذ من التركة المنهوبة . فأخذ هو الآخر الحجج والأغذار ليأخذ ونال ما أراد .
فكلاهما تركا له الدنيا ليحمل شقاها فيجعلونه خادم لديهما فيتبضع لهم ويخدم من أراد ويقضي حاجة هذا وذاك ولا يشكر أحدهم حتى الزيارة بخلوا بها على الرغم من إقامته معهم في نفس المنزل وتلك اللقمة الذي أخذ يطلبها من الجار بدل من الابن وساء الحال وها هم يتنازعون في المال كما لو تأكل الضباع جيفتها
والأب ساكن بلا حراك على الرغم من أنه لم يعد بمتحمل تلك النهشات من أولاد حلم بها طوال عمره ولكن شبوا على غير سجية أرادها واليوم هم بالشجار تارة تقابلون وتاه بالمكيدة يوقعون بعضهم إلى أن نظر الأب لحاله وتساءل هل هذا ما أراد ؟ وماذا سيفعل ؟ وفكر هل يرحل ويترك لهم الغنيمة كما أرادوا ليقسموا كما يشاؤا ؟ أم يختار سيدة ليتزوجها ويرحل بعيداً عنهم ؟
ويقع الأب صباحا بين الأول ولثاني ضحية ويندب فعلته التي يقر بأنها خطأ كبر ولم يتوقعه , وبين المساء الذي يكون فيه فريسة للوحدة والألام فيشكو لنفسه وأنى من يجيب ؟!